يعود لبنان ليتصدر المجتمع العلمي في مجال المستحثات (المستحاثات) من جديد، حيث شكل الإكتشاف الأخير الذي وثقته دراسة ساهم بها باحثون من لبنان، سلوفاكيا، المانيا، بولندا والصين في إضافة جديدة على علوم المستحثات المكتشفة في العنبر (الكهرمان) اللبناني، وتشكل سابقة في هذا العلم، فهي المرة الأولى التي تكتشف فيها حشرة تعود إلى العصر الجوراسي محفوظة داخل العنبر، لتنضم إلى مئات من الإكتشافات في هذا المجال، ما يشير إلى غنى هذا البلد الصغير وفرادته بالتنوع البيولوجي قبل مئة ونصف المليون سنة، وصولا إلى عصرنا الحاضر!
وقال البروفسور اللبناني والباحث في العنبر اللبناني داني عازار لموقعنا "زوايا ميديا": "هذه الدراسة هي الأحدث نشرت بتاريخ 13 آذار/مارس في National Science Review، والتي شارك فيها باحثون من لبنان، سلوفاكيا، المانيا، بولندا والصين، وتتمحور حول حشرة في العنبر (الكهرمان) اللبناني من العصر الجوراسي وهو المعروف عامة بعصر الديناصورات والتي تواجدت قبل هذا العصر بقليل أو كما ذكر في الدراسة في أواخر العصر الجوراسي أو Kimmeridgian، وهو أقدم من الطبشوري أي منذ أكثر من 155 مليون عام، وهي المرة الأولى في العالم التي تكتشف فيها حشرة في العنبر من هذه الفترة".
وتابع: "هذه الحشرة قشرية Coccid، وهي الأقرب لحشرة المن الحالية، ولكنها مختلفة وعائلة جديدة في العلم كليا وقد سميت Jankotejacoccidae، وبالتالي تنضم هذه العائلة والحشرة التي سميت على اسم لبنان Jankotejacoccus libanogloria للتنوع البيولوجي الذي كان يتمتع فيه لبنان".
وأوضح: اكتشفت هذه الحشرة في قرية عينطورين قرب إهدن وتم فحصها بالزيركون المشع لتحديد تاريخها، وهذه الحشرة ذكر ولديها أجنحة، حيث الأنثى منها تفتقد الأجنحة".
وقد ذكر في خلاصة الدراسة " يُوصَف في هذه الدراسة أول كائن أحفوري معروف من كهرمان العصر الجوراسي، Jankotejacoccus libanogloria جنس ونوع جديد، وهو حشرة قشرية بالغة ذكر ماصة للنباتات، تختلف اختلافًا كبيرًا عن جميع القشريات الأخرى، وبالتالي وُضعت في عائلة جديدة. يكشف الأحفور أن السمات المميزة لذكر القشريات، بما في ذلك التحولات والتعديلات المورفولوجية والسلوكية، حدثت في مرحلة مبكرة جدًا من تطور القشريات، حيث يبدو أن أحافير ذكور القشريات الأثرية من العصر الجوراسي المتأخر مرتبطة مورفولوجيًا بالتصنيفات الموجودة وترتبط بالنباتات عاريات البذور Gymnosperms، التي كانت مهيمنة في ذلك الوقت، تم التأكد أنها من فترة الكيميردجيان بواسطة الكائنات البحرية المرتبطة بالطبقات، وكُشف أيضًا بواسطة الزركون"، وختمت الخلاصة بأنه "عادة ما تكون الكائنات الأحفورية في الكهرمان محفوظة بشكل جيد للغاية، والاكتشافات الجديدة من العصر الجوراسي حاسمة لاكتساب المعرفة حول التاريخ التطوري للسلالات الأرضية، وفهم أفضل للنظم البيئية الديناميكية الماضية".
وختاما، ألم يحن الوقت لنقوم بالمحافظة على هذا الإرث النفيس الذي خص لبنان به حاضرا وماضيا ومستقبلا؟ وأن يتم وفقا لما طالب به البروفسور عازار مرارا وتكرارا لاعتماد لبنان محمية جيولوجية وإنشاء متحف وطني لما في لبنان من ثروات علمية لا تقدر بثمن، خصوصا وأن هذه الإكتشافات تساهم في تطوير فهمنا لماضي لبنان السحيق والتنوع البيولوجي الذي تطور وصولا إلى يومنا هذا"، وأشار عازار إلى أن "العنبر اللبناني ليس له قيمة مادية، فلا يمكن استخدامه في المجوهرات والمسابح وغيرها، وقد تم القضاء على كميات كبيرة منه للأسف في المرامل والكسارات والمقالع وغيرها من المنشآت والأعمال غير القانونية في لبنان".
ملاحظة: الصور والرسوم التوضيحية في آخر المقال من تصميم الفنانة يوليا كاسيروفا، وقد زودنا بها البروفسور عازار، علما أن "زوايا ميديا" تنفرد بنشر هذا الخبر باللغة العربية

